للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشر جبريل عليه السَّلام أجنحة العذاب، فأوحى الله تعالى إليه: أَنْ مَهْ يا جبريل؛ إنَّما يعجل بالعقوبة من يخاف الفوت، فأمهل بعد هذه المقالة أربعين سنة حتَّى قال: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: ٢٤]، فذلك قوله: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات: ٢٥] حين غَرَّقه الله وجنوده (١).

وروى عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} [النازعات: ٢٥]؛ قال: عقوبة الدنيا والآخرة (٢).

وروى عبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن مثله (٣).

وهذا بناء على أن فرعون معاقب في الآخرة عقوبة الكفار؛ فإنه مات على الكفر، ولا ينفعه قوله حين أدركه الغرق: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٩٠]؛ نكب عن الإيمان أوان القبول، وبالغ فيه حين لا يقبل.

وفي الحديث عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما في الآية: أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قالَ لِي جِبْرِيْلُ: يَا مُحَمَّد! لَو رَأيتَنِي وَأنَا آخِذٌ مِن


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٢١).
(٢) رواه عبد الرزاق في "التفسير" (٣/ ٣٤٧)، وكذا الطبري في "التفسير" (٣٠/ ٤٢).
(٣) وكذا الطبري في "التفسير" (٣٠/ ٤٢)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>