للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَالِ البَحْرِ فَأُدْنِيهِ فِي فِيهِ".

وفي رواية: "فِي فِيِّ فِرعونَ مَخَافةَ أنْ تُدرِكَهُ الرَّحمَةُ". رواه الإمام أحمد، والترمذي؛ وحسنه باللفظ الأول، وصححه باللفظ الثاني هو وابن حبان، والحاكم (١).

وهذا لم يكن من جبريل إلا بأمر الله تعالى، أو لما علم أنَّه ليس من أهل أن يرحم، ويدل عليه حديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ لِي جِبْرِيْلُ: مَا أَبْغَضْتُ شَيْئاً مِن خَلْقِ اللهِ مَا أَبْغَضْتُ إِبْلِيْسَ يَوْمَ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ، وَمَا أَبْغَضْتُ شَيْئاً أَشَدَّ بُغْضًا مِن فِرْعَونَ، فَلَمَّا كَانَ يَومُ الغَرَقِ خِفْتُ أَنْ يَعْتَصِمَ بِكَلِمَةِ الإِخْلاصِ فَينْجُو، فَأَخَذْتُ قَبْضَةً مِن حَمْأَةٍ فَضَرَبْتُ بِهَا فِي فَمِهِ، فَوَجَدْتُ اللهَ عَلَيْهِ أَشَدَّ غَضَبًا مِنِّي، فَأمَرَ مِيْكَائِيْلَ عليه السَّلام ليُعَيّرَهُ، فَقَالَ: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١] ". أخرجه أبو الشيخ (٢).

وبهذا علم أن قوله: "مَخَافَةَ أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَةُ" لم يكن كراهة للإيمان، ولا رضى بالكفر؛ فإن الرضى بالكفر كفر.


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٤٥)، والترمذي (٣١٠٧)؛ وحسنه، و (٣١٠٨) صححه، وابن حبان في "صحيحه" (٦٢١٥)، والحاكم في "المستدرك" (٧٦٣٥).
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٤/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>