للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: ٩٠]، فقيل له: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١] (١).

أشار الضحاك إلى انتفاع يونس عليه السلام بسالف إحسانه بذكر الله تعالى، واستضرار فرعون بسالف سيئه تهييجًا إلى المبادرة بالإحسان, والأعمال الناشئة عن ذكر الله تعالى قبل نزول البلاء خشية من نزوله بالعبد وهو في غفلته، فلا يمكنه التدارك، ولا ينفعه العمل حينئذ، ولا بلاءً أشد من وقوع بوادر الموت والعبد على غير أُهْبَةٍ.

وقد قال الحسن رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: ١٤٣، ١٤٤]: لتعلم والله أن التضرع في الرخاء استعداد لنزول البلاء، ويجد صاحبه مشتكى إذا نزل به، وأن سالف السيئة يُلحق صاحبها وإن قدمت. رواه عبد بن حميد (٢).

ومن هنا قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "بَادرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعاً؛ مَا تَنْتَظِرُوْنَ إلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفنِّدًا، أَوْ مَوْتًا مجهِزًا، أَوِ الدَّجَّالَ؛ فَإِنَّهُ شَرُّ مُنتظَرٍ، أَوِ السَّاعَةَ؛ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ". رواه الترمذي، والحاكم، وصححه (٣).

وبعض هذه الأمور - وإن لم يكن مانعًا من قبول التوبة كالغنى


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٧٩٤).
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ١٢٦).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>