عندي، وحق لي أني أنا الغني لا غني غيري، فبلِّغْه رسالاتي، وادْعُه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاصي، وحذِّرْه نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي، وقيل له فيما بين ذلك قولًا لينا لعله يتذكر أو يخشى، وأخبره أنِّي إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا؛ فإن ناصيته بيدي، ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني، قل له: أجب ذلك؛ فإنه واسع المغفرة، فإنه قد أمهلك أربعمئة سنة، وفي كلها أنت مبارز لمحاربته، تشبه وتمثل به، وتصد عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السماء، وينبت لك الأرض، لم تسقم، ولم تهرم، ولم تفتقر، ولم تغلب.
قال: وجاهده بنفسك وأخيك، وأنتما محتسبان بجهاده؛ فإني لو شئت أن آتيه بجنود لا قبل له بها لفعلت، ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه وجموعه أن الفئة القليلة -ولا قليل مني- تغلب الفئة الكثيرة بإذن الله، ولا تعجبكما زينته ولا ما متع به، ولا تمُدَّا إلى ذلك أعينكما؛ فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة المترفين، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت، ولكن أرغب بكما عن ذلك، وأزويه عنكما، وكذلك أفعل بأوليائي، وقديمًا ما خرت لهم في ذلك؛ فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مواقع الهَلَكة، وإني لأجنبهم سلوتها وعيشها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك العمرة؛ وما ذاك لهوانهم عليَّ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي