وروى الحاكم عن وهب قال: كان هارون فصيحًا بيِّنَ المنطق، يتكلم في تؤدة، ويقول بعلم وحلم، وكان أطول من موسى طولًا، وكبرهما في السن, وأكثرهما لحما، وأبيضهما جسمًا، وأعظمهما ألواحًا، وكان موسى عليه السلام جعدًا، آدم، طوالًا كأنه من رجال شنوءة (١).
وأين وزارة هارون لموسى عليهما السلام من وزارة هامان لفرعون عليهما اللعنة؛ فإن هامان كان من أغش الوزراء لأمرائها، وأظلمهم لنفسه وللرعية، بل هو أظلم من فرعون لأنه كان يظلم لغيره.
وكل وزير ظالم غاش فهو متشبه بهامان، فكيفما أشار على أميره بما يبعده عن الخير والقرب إلى الله تعالى فهو على أخلاق هامانية، وكم من ملك أو إمارة كان سبب تكونه وزواله وزراءُ السوء.
وقد روى ابن أبي حاتم عن السدي في قوله:{فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى}[النازعات: ١٨] قال: قال موسى: يا فرعون! هل لك في أن أعطيك شبابك فلا تهرم، وملكك لا ينزع منك، وترد إليك لذة المناكح، والمشارب والمطاعم، والركوب، وإذا مت دخلت الجنة، وتؤمن بي؟
فوقعت في نفسه هذه الكلمات، وهي اللينات؛ قال: كما أنت حتى يأتي هامان.
فلما جاء هامان أخبره، فعجزَه هامان، وقال: تصير عبدًا تَعْبُدُ