للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ}؛ أي: من غير أبناء جنسكم من المؤمنين {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عمران: ١١٨]؛ أي: عَنتكم، وهو الضرر والمشقة، وأصلهما: انهياض العظم بعد جبره.

والبطانة: مَنْ كان محل المشاورة والسر من وزير وكاتب وغيرهما؛ استعير من بطانة الثوب كما يقال: فلان شعاري.

ومن هنا: لا يجوز أن يستوزر أهل الذمة، ولا يتخذ منهم كاتب ولا عامل -وإن كان عمل أمراء الوقت على خلاف ذلك- فإنَّا لله وإنا إليه راجعون.

وقد قال الحسن رحمه الله تعالى: معنى حديث أنس مرفوعًا: "لا تَسْتَضيْئوا بِنارِ الْمُشْرِكِيْنَ" (١): لا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم.

قال الحسن: وتصديق ذلك في كتاب الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨]، أخرج البيهقي في "الشعب" (٢).

وروى ابن أبي شيبة، وغيره: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قيل له: إن هنا غلاما من أهل الحيرة حافظاً كاتبا، فلو اتخذته كاتباً.


(١) رواه النسائي (٥٢٠٩) عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٩٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>