للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقلبه الجماعة في أثناء صلاته، فينال الفضيلة من حينئذ.

وقال القاضي حسين من أصحابنا الشافعية رضي الله تعالى عنهم فيمن صلى منفردًا، فاقتدى به جمع، ولم يعلم بهم: ينال فضيلة الجماعة لأنهم نالوها بسببه، بخلاف ما لو علم بهم؛ فإنه لا ينال الفضيلة ما لم ينوها؛ لأن تركه للنية مع علمه يشعر بإعراضه عن تحصيل الفضيلة (١).

وعلى هذا القول: ففي مسألة اقتداء الملائكة بالمؤمن إذا صلى في أرض فلاة لا تفوته -إن شاء الله - فضيلة جماعتهم لأنه لا يحس بهم، فإن أحس بهم - بأن كان من أرباب الكشف، وأصحاب الأحوال السَّنِية، وكشف له عن حقائقهم وجواهرهم - فحينئذ ينبغي أن ينوي الجماعة على ما فصَّله القاضي حسين رحمه الله تعالى.

ثم على كل حال: فإن المقتدي بالمنفرد مع تشبهه بالملائكة عليهم السلام متسبب لإقامة جماعة من جماعات المسلمين، فلا يخلو لذلك عن ثواب وأجر.

وكذلك إن اقتدى بمن يصلي في جماعة إماما لا يخلو من ثواب زائد على فضيلة الجماعة -وهو تكثير سواد المصلين - لأن "من أكثر سواد قوم فهو منهم" (٢) - كما سبق - مع فضيلة التشبه بالملائكة عليهم السلام في ذلك.


(١) انظر: "روضة الطالبين" للنووي (١/ ٣٦٧).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>