سبحانه إليهم استجلابهم إلى الاعتماد على الله تعالى، وشغلهم باللجاء إليه، وحثهم على موافقته حرصاً على الاستجابة.
وأيضاً أراد أن يشاركوه في هذا الخير؛ إذ كمال إيمان العبد أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وبهذا يتخلق العبد بالودودية، وليس في العباد أود لهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وقوله:{مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ}[غافر: ٢٧] لم يُسَمَّ فرعون، بل أعاذ من كل موصوف بالتكبر وإنكار البعث، فتكون استعاذته من جميع القبط، بل مِن كل مَن هذه صفته؛ فإن من يتكبر عن الحق الذي منه الاعتراف بربوبية الله تعالى المستلزم للخوف منه، وينكر أنه مبعوث محاسب لا يبالي ما بطش بك وبغيرك، ولذلك قال بعض الحكماء: من لا يخاف من الله تعالى خَفْ أنت منه.
ولعلك تعلم وتفهم من دعاء موسى هذا في مقابلة قول فرعون، وهو يعلم أنه محفوظٌ منه لقوله تعالى:{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه: ٤٦] أن العبد لا ينبغي له أن يغفل عن ذكر الله تعالى عند كل قليل وكثير، واللجاء إليه في كل خطب حقير وجليل، ولذلك أوحى الله تعالى إلى موسى وهارون عليهما السلام بقوله: {اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (٤٥) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٢ - ٤٦].
وهو مع تعريفه إياهما أنه معهما بالحفظ والكَلأَة أمرهما بإلانة