للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَلَكَتِهَا فِي الحَقِّ" (١).

واعلم أن الخصلة التي كانت سبباً لضلال اليهود والنصارى وهلاكهم التهاون بالطاعات، واحتقار الصغائر من المعاصي، وكانوا يتركون الدين شيئاً فشيئاً حتى رق دينهم وهان أمرهم، ثم ارتكبوا العظائم، ثم كفروا وأشركوا، كما يشير إليه قوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: ٦١].

بيَّنت الآية أن سبب ذلتهم ومسكنتهم وبوائهم بالغضب الكفر، وقتل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأنَّ سبب وقوعهم في الكفر المعصية والتهاون بها، واعتياد العدوان على الناس، فَجَزَّهم قليل الشر إلى كثيره.

وروى أبو نعيم في "الحلية" عن طارق بن شهاب، عن حذيفة رضي الله تعالى عنهما قال: قيل له: في يوم واحد تركت بنو إسرائيل دينهم؟

قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه، وإذا نهوا عنه ركبوه، حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه (٢).

واعلم أنَّ قبائح اليهود والنصارى، وأعمالهم وأخلاقهم التي أمرنا بمخالفتهم فيها كثيرة جداً.


(١) رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (٦٤١).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>