للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: أتي بصحيفة فيها حديث، فدعا بماء فمحاها، ثم غسلها، ثم أمر بها فأحرقت، ثم قال: بهذا هلك أهل الكتاب قبلكم، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون (١).

وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: كنا قعوداً نكتب ما نسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج علينا فقال: "مَا هَذَا تَكْتبوْنَ؟ "

فقلنا: ما نسمع منك.

فقال: "أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللهِ؟ امْحَضُوا كِتَابَ اللهِ وَأخْلِصُوا" (٢).

واعلم أن كتابة العلم وتقييده مما استقر عليه أمر المسلمين بحيث صار إجماعاً، وإنما نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة ما يسمعونه منه أولاً حذراً أن يخلط ما ليس بالقرآن به كما في حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، ثم أذن في الكتابة بعد.

وأما ما كان عليه جماعة من الصدر الأول من النهي عن كتابة الحديث، فإنما كان حذراً من الاتكال على الخط، وعدم الاجتهاد في حفظ العلم حتى قيل:


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٦٤٤٧).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٢). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ١٥١): فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، وبقية رجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>