ما الْعِلْمُ إِلاَّ ما وَعاهُ الصَّدْرُ ... وَلَيْسَ بِالَّذِي حَوى الْقِمَطْرُ
وبالجملة فإذا تثبت الكاتب، ولم يكتب إلا ما صح الأخذ به من الكتاب والسنة، فهذا مثاب على كتابته -سواء كان ناسخاً، أو مصنفاً إذا كان فيه أهلية لذلك- وهي مما مدحت به هذه الأمة حتى قال القاضي أبو بكر بن العربي في "المعارف"(١): ولم يكن قط في الأمم من انتهى إلى حد هذه الأمة من التصرف في التصنيف والتحقيق.
ثم ما كان بعد زمانه من ذلك لا شك أنه أوسع وأكثر مما رآه أو سمع به.
ولقد جاء بعده أمم من العلماء اتسعت تصرفاتهم، وانتشرت تصنيفاتهم وتأليفاتهم.
وقرأت بخط الشيخ برهان الدين بن جماعة ما قرأه بخط صاحبه الشيخ أبي عبد الله محمد بن مرزوق التلمساني قال: سئل شيخنا الإمام أبو عبد الله التلمساني الآبلي عن كثرة تصانيف هذه الأمة واشتغالها بالتآليف، فقال: هذا من فوائد تحريم الخمر عليها، انتهى.
قلت: ووجهه أن شارب الخمر يصرف مدة من الزمان في الشرب والطرب، وتذهب عليه مدة في السكر والغيبة، فمن كان عالماً توفرت