للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن عديّ عن الأعمش رحمه الله تعالى قال: اختلف أهل البصرة في القصص، فأتوا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه فسألوه: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقص؟ فقال: لا (١).

فالجواب: أنا قدمنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقص، وقد أمر قاصًّا أن يقص، وأن تميمًا والحارث بن معاوية وعبيد بن عمير كانوا يقصون في عهد عمر رضي الله تعالى عنهم؛ والمثبت مقدم على النافي.

ثمَّ إن القصص الذي أنكر ابن عمر ونافع كونه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - ليس هو مجرد القص لما ثبت في الكتاب والسنة؛ إذ لا يمكن نفيه أصلًا، وإنما أنكروا ونفوا ما أحدثه القصاص من الاجتماع في وقت معين للقصص، وارتفاع الأصوات، والدعاء للأمير، ونحو ذلك.

وإن هذا لم يكن في عهده - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد خلفائه - رضي الله عنهم -، وإنما حدث في زمان معاوية رضي الله تعالى عنه كما رواه الزبير بن بكار في "أخبار المدينة" عن نافع وغيره.

وكذلك لم يقص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذه الهيئة المخصوصة، بل كان يحدث أصحابه ويذكرهم ويعلمهم وكأن على رؤوسهم الطير، وعليه يحمل قول أنس رضي الله تعالى عنه.

على أن أبا طالب المكي ذكر عن حبيب بن أبي ثابت عن زياد


(١) رواه ابن عديّ في "الكامل" (٧/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>