للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى هذا وحديثه؟ إن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يحدِّث حديثًا لو عدَّه العادُّ أحصاه (١).

وروى مسلم عن عروة: أن عائشة قالت: ألا يعجبك أبو هريرة؟ جاء فجلس إلى جنب حجرتي يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمعني ذلك، وكنت أسبح، فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يسرد الحديث كسردكم (٢).

وفي رواية ابن المبارك: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسرد الحديث كسردهم؛ إنما كان حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلًا تفهمه القلوب (٣).

والأولى الأحسن أن يكون كلام المذكر، بل كلام العالم مطلقًا قصدًا بين الإفراط والتفريط، لا إسهاب ممل، ولا إيجاز مخل، ولا خدرفة لا تفهم.

ولعل ضرر الإفراط هنا أشد من ضرر التفريط.

روى ابن أبي الدُّنيا في "المداراة" عن محمَّد بن سعيد قال: بلغني أن قاصًا قصَّ على بني إسرائيل حتى أملَّهم، فلُعن ولُعنوا (٤)؛ أي: لعن بسبب إملاله إياهم، ولعنوا بسبب تبرمهم من الذِّكر وملالهم.


(١) رواه البخاري (٣٣٧٥).
(٢) رواه مسلم (٢٤٩٣).
(٣) ورواه أبو يعلى في "المسند" (٧/ ٣٥٧).
(٤) ورواه السمعاني في "أدب الاستملاء" (ص: ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>