للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إن الله تعالى يقول: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢]، فلست بمزك نفسي وقد نهانا الله عنه، فأَعجب أبا بكر ذلك منه (١).

وأمَّا قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: ٩]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤]، فالمراد منه: الاتصاف بالبر والإحسان والتقوى، لا الثناء على النَّفس.

وقوله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢]، إشارة إلى أنَّ الزَّكاة والفضل بالاتصاف بالتقوى لا بوصف النفس بها، وإلى أن المزكِّي حقيقة هو الذي يزكيه الله تعالى بتوفيقه للتقوى، أو بما نشره له من الثناء.

وقد روى الإمام أحمد، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصَّحابة"، والطَّبراني بسند صحيح، من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن الأقرع ابن حابس: أنه أتى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! أخرج إلينا، فلم يجبه، فقال: يا محمد! إن حمدي لزَيْنٌ، وإن ذمي لشَيْنٌ.

فقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذَاكَ اللهُ".

فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: ٤] (٢).


(١) انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٥/ ٤٨٤)، و"الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٦٥٨).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٤٨٨)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (١/ ٦٨)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٨٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>