للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنزيه المؤمن عن هذه الأخلاق القارونية لطف به من ألطاف ربِّ البرية، وذلك إما بزي ذلك عنه، ومنعه منه، وإمَّا أن يخلق الله تعالى في طبعه النفرة عن ذلك، أو يخلق له من العقل ما يمنعه من ذلك، ويبين له قبحه وسوء عاقبته.

وقد قال الله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٣٣ - ٣٥].

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في الآية: يقول: لولا أن أجعل الناس كلهم كفارًا لجعلت لبيوت الكفار سقفًا من فضَّة ومعارج من فضة، وهي درج عليها يصعدون إلى الغرف، وسرر فضة، وزخرفًا هو الذَّهب. أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (١).

وروى ابن جرير نحوه عن قتادة، وزاد: {وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٣٥]؛ قال: خصوصاً (٢).

وروى هو وابن المنذر عن الحسن رحمه الله تعالى في قوله: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [الزخرف: ٣٣] قال: لولا أن يكون النَّاس أجمعون كفّارًا فيميلوا إلى الدُّنيا لجعل الله لهم الذي قال.


(١) رواه الطبري في "التفسير" (٢٥/ ٦٨ - ٧١) مفرقًا، وابن أبي حاتم في "التفسير" (١٠/ ٣٢٨٢).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (٢٥/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>