للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مالت الدُّنيا بأكثر أهلها وما فعل ذلك، فكيف لو فعل! (١)

وروى الحاكم في "المستدرك" عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف: ٣٢]؛ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "إِنَّ اللهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ أَرْزاقَكُمْ، وَإِنَّ الله يُعْطِي الدُّنْيا لِمَنْ يُحب وَمَنْ لا يُحبُّ، وَلا يُعْطِي الدَّيْنَ إلاَّ مَنْ أَحَبَّ، فَمَنْ أَعْطاهُ الدِّيْنَ فَقَدْ أَحَبَّهُ" (٢).

وروى ابن مردويه عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ اللهُ تَعالَى: لَوْلا أَنْ يَجْزَعَ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنُ لَعَصَبْتُ الْكَافِرَ عُصابَةً مِنْ حَدِيْدٍ فَلا يَشْتَكِي شَيْئا أَبَدًا، وَلَصَبَبْتُ عَلَيْه الدُّنْيا صَبًّا" (٣).

أي: لفعلت ذلك بكل كافر.

وكذلك تحمل الآية على العموم؛ لأنَّ ذلك قد صار لبعض الكفار والفجَّار دون سائرهم.

وقد علمت ما في حديث ابن مسعود من أنَّ الله تعالى يعطي الدُّنيا


(١) رواه الطبري في "التفسير" (٢٥/ ٦٨).
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٦٧١)، وكذا الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٨٧). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٥٣): رواه أحمد ورجال إسناده بعضهم مستور وأكثرهم ثقات.
(٣) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>