للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابتلى سبحانه وتعالى محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بثلاث من رؤوس أهل زمانه: واحد من أقاربه، وهو أبو لهب، والآخران أجنبيان منه؛ وهما أبو جهل، وعبد الله بن أُبيِّ ابنُ سلول المنافق، والآخران مشركان كما كان أحد الثلاثة المبتلى بهم موسى عليه السَّلام منافقًا، وهو قارون، كما تقدم وصفُه بالنفاق عن قتادة، والآخران مشركان، وهما فرعون وهامان.

ثمَّ إن أبا جهل كان أشدهم كفرًا، وأكثرهم تمردًا، فكان مقابلًا لفرعون، وقد ثبت في "السنن" (١) كما نبه عليه النوويّ في "تهذيب الأسماء واللغات": أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لما قتل أبو جهل يوم بدر: "قُتِلَ فِرْعَوْنُ هَذهِ الأُمَّةِ" (٢).

ثمَّ بقيت هذه السنة في ورثة الأنبياء من العلماء والأولياء، فلا يكاد أحد منهم يخلو ممن يؤذيه ولو من جيرانه وذويه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ كانَ الْمُؤْمِنُ في جُحْرِ ضَبٍّ لَقَيَّضَ اللهُ لَهُ فِيْهِ مَنْ يُؤْذِيْهِ". أخرجه الدارقطني في "الأفراد"، وقال غريب، والطبراني في "الأوسط"، والبيهقيّ في "الشعب" عن أنس رضي الله تعالى عنه (٣).

وروى أبو سعيد النقاش في "معجمه"، وابن النجار في "تاريخه"


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٢/ ٤٩٢).
(٣) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٩٢٨٢)، والبيهقيّ في "شعب الإيمان" (٩٧٩١). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٢٨٦): وفيه أبو قتادة بن يعقوب بن عبد الله العذري لم أعرفه، وبقية رجال الطبراني ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>