للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن: دين الله وضع دون الغلو وفوق التقصير. رواه الحكيم التِّرمذي في "نوادره" (١).

ولا تتدبر دين اليهودية ودين النصرانية إلا وجدته إما غلوًا وإفراطًا، وإما تقصيرًا وتفريطًا، وهما يتوافقان تارة ويتضادان تارة، ودين الإسلام دون ذلك، ومن ثمَّ كانت هذه الأمة أمة وسطًا مقتصدة لتقام بهم الحجة لله -عز وجل - على أهل الغلو وأهل التقصير؛ قال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣].

وروى البيهقي في "الشعب" عن سعيد الجهني، عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "العِلْمُ أَفْضَلُ مِنَ العَمَلِ، وَخَيْرُ الأَعْمالِ أَوْسَطُها، وَدِيْنُ اللهِ بَيْنَ القاصِي والغَالِي، والْحَسَنَةُ بَيْنَ السَّيِّئَتَيْنِ لا تَنالُها إِلَّا بِاللهِ، وَشَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ" (٢).

قال في "الصحاح": والحقحقة أرفع السير، وأتعبه للظهر.

قال في "القاموس": أو اللجاج في السير، أو السير أول الليل، أو أن يلحح في السير حتى تعطب راحلته أو تنقطع، انتهى (٣).

استعيرت في الحديث للغلو في العبادة، وحمل النفس على ما يؤول بها إلى الملال والانقطاع عن العبادة، أو سيق قوله: "شَرُّ السَّيْرِ الْحَقْحَقَةُ"


(١) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (ص: ١٦٧)، وكذا الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ٢٨٢).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: ١١٣٠) (مادة: حقق).

<<  <  ج: ص:  >  >>