ولقائل أن يقول: إن مخالفة أهل الكتاب حاصلة بمجرد الصوم في اليوم الذي هو عيد لهم.
وذكر البيهقي في كتاب "خصائص يوم الجمعة": أن وجه الحكمة في كراهية تخصيص يوم الجمعة بالصوم مخالفة اليهود فإنهم يصومون يوم عيدهم، أو يفردونه بالصوم، فنهي عن التشبه بهم كما خولفوا في يوم عاشوراء بصيام يوم قبله أو بعده، انتهى (١).
فعلى هذا لا يحصل مخالفة اليهود بمجرد صيام السبت إلا لو ضم إليه يوم آخر.
ثمَّ اختلف العلماء في وجه كراهية إفراد الجمعة بالصوم:
فقيل: لئلا يلتزم الناس من تعظيمه ما التزمت اليهود في سبتهم من ترك الأعمال كلها؛ أي: في ليلة السبت ويومه.
وهذه العلة صالحة لتعليل كل من النهي عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام، ويومها بصيام، فربما لو شرع هذا لظن كثير من الناس أن هذه الليلة وهذا اليوم لا يتعاطى فيها شيء من الأعمال والأشغال سوى القيام والصيام، فيدخل عليهم التَّشديد في الدين، وما جعل عليهم في هذا الدين من حرج، وإنما هو يسر.
وهذا من أسلم التعاليل من النقض والمعارضة.
(١) انظر: "اللمعة في خصائص يوم الجمعة" للسيوطي (١/ ١٣).