للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهاد واجب على كل أحد، وهو محمول على حال يتيسر فيها الجهاد من غير مقارنته لظلم ولا نية فاسدة، فإن لم يتيسر وخيفت الفتنة كما في هذه الأزمنة فالاعتزال أفضل.

ويدل عليه حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه الآخر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُوْشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ؛ يَفِرُّ بِدِيْنِهِ مِنَ الفِتَنِ". رواه الإمام مالك، والبخاري، وأبو داود، وغيرهم (١).

والأحاديث والآثار في الباب كثيرة.

واعلم أن الرهبانية ليست هي العزلة المجردة، بل هي إيثار الأمور التي بيناها آنفاً على سبيل التشدد في الدين والتحرج، فهو الذي ينصرف إليه النهي الوارد، كما في حديث رواه عبد بن حميد: "لا رَهْبَانِيَّةَ فِي الإِسْلامِ" (٢).

وروى الطبراني في "الأوسط" عن أبي كريمة قال: سمعت علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: إياكم ولباس الرهبان؛ فإن من ترهب أو تشبه فليس مني (٣).


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٧٠)، والبخاري (١٩)، وأبو داود (٤٢٦٧).
(٢) قال ابن حجر في "فتح الباري" (٩/ ١١١): لم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني: "إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة".
(٣) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٣٩٠٩). قال الهيثمي في "مجمع =

<<  <  ج: ص:  >  >>