وهم لا يسمعون، ولم يؤمن به إلا ملكهم، وكان اسمه: لاجب، وكان لهذا الملك امرأة كان يستخلفها على رعيته إذا غاب عنهم في غَزاة أو غيرها، وكانت تبرز للناس كما يبرز غيرها، وتركب كما يركب، وتجلس بين الناس فتقضي بينهم، وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل يقال له: مزدكي، وكان له جنينة إلى جانب قصر الملك يعيش فيها، وكان الملك وزوجته يشرفان على الجنينة، فحسدته عليها، وأرادت أن تسلبه إياها، فنهاها زوجها الملك عن ذلك، فاتفق أن زوجها خرج مرة إلى سفر بعيد، فاغتنمت الفرصة واحتالت على مزدكي، وأمرت جماعة أن يشهدوا عليه أنه يسب الملك، وكان حكمهم في ذلك الزمان على من سب الملك القتل إذا قامت عليه البينة بذلك، ففعلوا، فقتلته بالزور، فلمَّا قدم بعلها لم يرض منها بذلك، وعنَّفها عليه، فأوحى الله تعالى إلى إلياس عليه السلام أن قل للاجب وزوجته: إن الله غضب لوليه، وآلى على نفسه إن لم يتوبا ويردا الجنينة على ورثته لنهلكنَّهما في جوف الجنينة، ثمَّ يدعهما جيفتين ملقاتين فيها، ولا يمتعان فيها إلا قليلًا، فكذبوا إلياس وأرادوا قتله، وفرَّ منهم في شواهق الجبال، ثمَّ كساه الله الريش في قصة طويلة، وسلط الله على لاجب وقومه عدوًا فأرهقهم، وقتل لاجباً وزوجته في جنينة مزدكي، فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فيها حتى بليت لحومهما، ورمَّت عظامهما (١).