حلب أنهم اعتادوا أن يخرجوا للمتنزهات يوم الجمعة يتحرون ذلك، وهي عادة قبيحة؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما تخصيص يوم الجمعة بالتعظيم والتبجيل من حيث الاهتمامُ فيه بالقراءة لا سيما سورة الكهف، وسورة الدخان، وقراءة {الم} السجدة، و {هَلْ أَتَى}[الإنسان: ١]، في صبحها، وسائر أنواع الذكر والعبادة شكرًا لله تعالى على هدايته إياه ليوم الجمعة، والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من باب تعظيم شعائر الدين، والتشبه بالعباد الصالحين إلا ما استثناه الشرع من تخصيص يوم الجمعة بصيام وليلتها بقيام.
وقد روى الإمام أحمد عن ابن سيرين قال: أنبئت أن الأنصار قبل قدوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: لو نظرنا يومًا فاجتمعنا فيه، فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به علينا، فقالوا: يوم السبت، ثمَّ قالوا: لا نجامع اليهود في يومهم، قالوا: يوم الأحد، قالوا: لا نجامع النصارى في يومهم، قالوا: فيوم العروبة، وكان يسمون يوم الجمعة: يوم العروبة، فاجتمعوا في بيت أبي أسامة أسعد بن زرارة، فذبحت لهم شاة، فكفتهم (١).
فانظر كيف كان الاجتماع على الذكر والشكر تغلي به قلوب الأنصار ألهمهم الله تعالى أن يكون يوم الجمعة، وهداهم الله، وهو اليوم الذي أضلته اليهود والنصارى، وهدى الله هذه الأمة إليه كما في الحديث، لا يوم السبت ولا يوم الأحد فراراً من مشابهة أهل الكتاب،