للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذنوب هي: الدلو العظيم، وقيل: لا يقال ذَنوب إلا إذا كانت ملأى ماء.

وقوله تعالى: {مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ}؛ أي: أمثالهم من الظلمة، أو الذين يصحبونهم على ظلمهم، ويوالونهم.

ولقد قدمنا ذم الظلم في التشبه بنمرود، وفرعون، وغيرهما.

بل الظلم مما تواردت عليه الأمم وكان سبب هلاكهم كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [يونس: ١٣ - ١٤].

نعم، لا يكون الظلم سببًا للاستئصال إلا إذا عمَّ، ولم يكن في القوم منصف بدليل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧].

وروى ابن أبي حاتم، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" عن جرير ابن عبد الله رضي الله تعالى عنه -موقوفًا عليه- والطبراني، وابن مردويه، وغيرهما عنه -مرفوعًا- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسأل عن تفسير هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: ١١٧]، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَهْلُها يُنْصِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً" (١).


(١) رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (٢/ ١٥٢)، وكذا الطبراني في =

<<  <  ج: ص:  >  >>