وقالت النصارى: ربنا الله، ثم لم يستقيموا حتى قالوا: عيسى ابن الله.
وقالت أمتك:{رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} عليه، فلم يشوبوه بغيره، ولم يخلطوا به سواه؛ {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا} مما تقدمون عليه، {وَلَا تَحْزَنُوا} لما تخلفونه من دين أو عيال؛ فالله خليفتكم فيهم، {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}[فصلت: ٣٠] بقول: لا إله إلا الله.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَقْرَرْتَ عَينْي يَا جِبْرِيْلُ".
قال: أقر الله عينك يا محمد.
وحقيقة الاستقامة: قول الحق والعمل به، والتنزه عن الباطل والعمل به، والدوام على ذلك إلى الموت.
قال أنس رضي الله تعالى عنه: قرأ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت: ٣٠]؛ قال:"قَدْ قَرَأَها ناسٌ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ كَفَرَ أَكْثَرُهُمْ، فَمَنْ قالَها حَتَّى يَمُوْتَ فَقَدِ اسْتَقامَ عَلَيْها". رواه الترمذي، والنسائي، وآخرون (١).
والمراد: من قالها قائمًا بحقوقها غير منحرف عن سبيلها؛ ألا
(١) رواه الترمذي (٣٢٥٠) وقال: حسن غريب، والنسائي في "السنن الكبرى" (١١٤٧٠).