وعن وهب رحمه الله تعالى قال: إن عابدًا من بني إسرائيل كان في صومعته يتعبد فإذا نفر من الغواة قالوا: لو أنَّا استنزلناه بشيء، فذهبوا إلى امرأة بَغِيٍّ فقالوا لها: تعرَّضي له.
قال: فجاءته في ليلة مظلمة مَطِيرة فقالت: يا عبد الله! آوني إليك -وهو قائم يصلي، ومصباحه ثاقب- فلم يلتفت إليها.
فقالت: يا عبد الله! الظلمة والغيث! آوني إليك.
فلم تزل به حتى أدخلها إليه، فاضطجعت وهو قائم يصلي، فجعلت تتقلب وتريه محاسن خلقها حتى دعته نفسه إليها، فقال: لا والله حتى أنظر كيف صبرك على النار.
فدنا من المصباح، فرفع أصبعًا من أصابعه فيه حتى احترقت، ثمَّ رجع إلى مصلاه، فدعته نفسه أيضًا، فلم تزل تدعوه وهو يعود إلى المصباح حتى احترقت أصابعه وهي تنظر إليه، فصعقت، فماتت.
فلما أصبحوا غدوا لينظروا ما صنعت فإذا بها ميتة، فقالوا: يا عدو الله! بامرأتي وقعت عليها ثمَّ قتلتها؟
قال: فذهبوا به إلى ملكهم، فشهدوا عليه، فأمر بقتله.
فقال: دعوني حتى أصلي ركعتين.
قال: فصلى ثمَّ دعا، فقال: أي رب! إني أعلم أنك لم تكن بمؤاخذي بما لم أفعل، ولكن أسألك أن لا أكون عارًا على القراء بعدي.