للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتفت إليَّ -يعني: النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "هَلَّا قُلْتَ خُذْهَا وَأَنَا الغُلامُ الأَنْصارِيُّ" (١).

فانظر كيف حثَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- على الانتساب إلى الأنصار وإن كان بالولاء، وكان الإظهار لذلك أحب إليه من الانتساب إلى فارس، وفي ذلك أمران:

الأوَّل: أنَّ من أمكنه الانتساب إلى العرب ولو بالولاء فلا ينبغي له أن ينتسب إلى العجم، وهنا أمكن أبا عقبة أن ينتسب إلى الأنصار وهم من العرب، فلم يرض له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينتسب إلى العجم مع ذلك.

والأمر الثاني: أن من أمكنه أن ينتسب إلى جهة أعزها الإِسلام كالنصرة والهجرة، فلا ينبغي أن يعدل عنها إلى الشعوب والقبائل لأنه خلق جاهي كما سيأتي.

ومن هنا مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه بنسبته إلى بيته، فقال: "سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ البَيْتِ" كما رواه ابن سعد في "طبقاته"، والحسن بن سفيان في "مسنده"، والطبراني في "معجمه الكبير"، والحاكم في "مستدركه"؛ وإن تعقب عليه في تصحيحه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده رضي الله تعالى عنه (٢).


(١) رواه أبو داود (٥١٢٣)، وكذا ابن ماجه (٢٧٨٤).
(٢) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٧/ ٣١٨)، والحاكم في "المستدرك" =

<<  <  ج: ص:  >  >>