وفي رواية: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فَخِذَ سلمان فقال:"هَذَا وَأَصْحَابَهُ، والَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ لَوْ كانَ الإِيْمانُ مَنُوْطًا بِالثُّرَيَّا لتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فارس"(١).
فهذه الآية على ما فسرت به هذا الحديث دالة على فضل أبناء فارس؛ فإن المستبدل في مثل هذا المقام لا بد أن يكون أمثل من المستبدل منه.
فالجواب عن ذلك:
أما الحديث الأوَّل: فإن العلم لا يستلزم الفضل المطلق، فقد يوجد أفضل من العالم بالشيء ممن لا يعلم به كما علم الخضر عليه السلام ما لم يعلمه موسى عليه السلام مع أن موسى أفضل منه، ولا يلزم من نيل رجال من فارس العلم أن لا يناله غيرهم، ولا أن يكون من ناله منهم أفضل ممن ناله من غيرهم.
وأما الحديث الثاني، وكذلك الأوَّل: فإنَّ حاصل ما يؤخذ منهما أنَّ من أبناء فارس من ينال فضل الإيمان والعلم، ثمَّ من ساواهم في ذلك من العرب لا يلزم أن يكون الفارسي أفضل منه بغير مزية أخرى، بل نقول: إن العربي المتساوي معه في العلم والإيمان أفضل منه، وقد يؤخذ هذا من تفسير الآية المنزلة بالحديث على قوم سلمان؛ أعني: قوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}[الجمعة: ٣]؛ إذ معنى {لَمَّا