يَلْحَقُوا بِهِمْ}: لم يدركوهم في شرف النفس، وكرم الحسب، ومكارم الأخلاق.
وأما الآية المفسرة في الحديث الثالث، وهي قوله تعالى:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}[محمد: ٣٨] فإن الاستبدال يستلزم لخيرية المستبدل وميزته على المستبدل منه، إنما يكون بسبب التولي عن الطاعة، ومن تولى عن الطاعة فلا فضل له أصلًا وإن كان شريف النسب.
ثمَّ اعلم أن فضيلة من كان من ذوي الفضل من الأعاجم لا يسع أحدًا إنكاره، لكن النظر في فضل ذوي الفضل منهم من أي جهة ثبت لهم الفضل ليس إلا من قبل العرب؛ إذ لا فضل لأحد إلا بالعلم والإيمان والتقوى، ولا يتوصل أحد إلى شيء من ذلك بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- من قبله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن ثمَّ علمت أن فضل سلمان وصهيب رضي الله تعالى عنهما لم يكن لكونهما أعجمين؛ أحدهما فارسي والآخر رومي، بل لأخذهما الفضل عن سيد العرب - صلى الله عليه وسلم -، ومن ثمَّ كان سلمان سيد فارس وسابقهم، وصهيب سيد الروم وسابقهم، وبلال سيد الحبش وسابقهم.
روى البزار، والحاكم وصححه، عن أنس، والطبراني في "الكبير" عنه، وعن أم هانئ، وابنُ عديّ عن أسامة رضي الله تعالى عنهم قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "السُّبَّاقُ أَرْبَعَةٌ: أَنا سابِقُ العَرَبِ، وَصُهَيْبٌ