رعت، فاحتلبتها، فرأى كسرى لبنها كثيرًا، فقال: ينبغي أن يجعل على كل بقرة خراج؛ فهذا حِلاب كثير.
ثمَّ قامت البنت في آخر الليل لتحلبها فوجدتها لا لبن فيها، فصاحت: يا أماه! قد أضمر الملك لرعيته سوءًا.
قالت أمها: وكيف ذاك؟
قالت: إن البقرة ما تبز بقطرة لبن.
فقالت لها أمها: امكثي؛ فإن عليك ليلًا.
فأضمر كسرى في نفسه العدل والرجوع عن ذلك العزم، فلما كان آخر الليل قالت لها أمها: قومي احلبي، فقامت فوجدت البقرة حافلًا.
فقالت: والله زال ما كان في نفس الملك من الشر.
فلما ارتفع النهار جاء كسرى فركب، وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه، فلما دخلتا عليه أحسن إليهما، وقال: كيف علمتما ذلك؟
قالت العجوز: إنا بهذا المكان منذ كذا وكذا؛ ما عمل علينا بعدل إلا أخصبت أرضُنا واتسع عشبنا، وما عمل فينا بجَور إلا ضاق عيشنا وانقطعت مواد النفع عنا (١).
وذكر صاحب كتاب "قلائد الشرف"؛ وهو كتاب حافل في أشراف أصبهان والفرس وعوائدهم وسيرهم، انتهى بمؤلفه التأليف إلى سنة ثمان وثلاث مئة عند ذكر الأكاسرة: أن أرباب الأرضين كانوا