لا يتناولون من الثمار والسنبل شيئًا إلى أن يأخذ السلطان حقه من ذلك، فنظر كسرى قباذ يومًا في صدع حائط بستان إلى صبي صغير عند أمه يروم اجتناء رمانة والأم تمنعه إلى أن ضربته، فبكى الصبي، فأرسل قباذ إليها في ذلك، فقالت: إنه لا يحل لنا أن نتناول شيئًا من أشجارنا وزروعنا وللملك فيه حق.
ثمَّ قال: لا يجب أن نمنع الزرَّاع والغارسين عن الأكل مما يغرسون ويزرعون، وأن يكون لنا عليهم خَراج معلوم.
فجعل الأرضين خيرًا ووسطًا ودونًا؛ فعلى الجريب الجيد من الحنطة والشعير درهم وربع، والوسط درهم، والدون ثلاثة أرباع درهم، والأشجار ما جرى به الرسم، انتهى.
وليس للسلطان في الإِسلام من الأموال على المسلمين شيء إلا ما جرَّه إليه الشرع من أموال المصالح المأخوذة بطريق الشرع أسوة غيره مما بهم قوام الأمر على ما هو مقرر في الأحكام الشرعية السلطانية، ومن أموال الغزو والغنائم، وليس على المسلمين حق سوى حق الزكاة المأخوذ برسم الشرع، والخراج الموضوع على الأرضين بطريقه الشرعي، ونسبة هذه الأموال إلى السلطان إنما هي لأدنى ملابسة لما له عليها من ولاية التصرف فيها، وكذلك نسبة أموال المكوس إليه ولا يجوز أن يقال: هذا حق السلطان.
وقال شيخ الإِسلام النوويّ في "أذكاره": ومما يتأكد النهي عنه والتحذير منه ما يقوله العوام وأشباههم في هذه المكوس التي تؤخذ