للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمزجتهم وصحة أفكارهم، وإذا تخلق العبد بها في الإيمان بالقصد الصحيح نفعته، بل ينفعه بالإيمان ما أسلفه منها قبله في الجاهلية.

قال أبو عبيدة: ما اجتمعت العرب اجتماعها على السؤدد والإفضال في العسر، والصواب في الغضب، والرحمة مع القدرة، والرضا للعامة، والبعد من الحقد، والتودد إلى الناس، والمسارعة إلى المعونة (١).

وقال العتبي: كان أهل الجاهلية لا يُسَوِّدُون إلا من كان فيه ست خصال؛ السخاء، والنجدة، والصبر، والحلم، والبيان والموضع؛ وصارت في الإِسلام بالعفاف سبعًا (٢). رواهما الدينوري في "المجالسة".

وكل هذه الأخلاق لا تنفع ذويها في الآخرة إذا ماتوا على الكفر، وإنما يقع جزاء ذويها في الدنيا بما يرفق الله بهم، أو يوسع عليهم في رزقهم، أو يدفع عنهم من البلاء والآفات، أو نحو ذلك.

وقد صحح الحاكم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: يا رسول الله! إن ابن جدعان كان يَقْري الضيف، ويصل الرحم، ويفعل الفعل، أينفعه ذلك؟

قال: "لا؛ إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوما قَط: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيْئَتِي يَوْمَ الدِّيْنِ" (٣).

أي: لم يعترف بربوبية الله تعالى، ولم يَرْجُ منه مغفرته.


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٩٦).
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٩٥).
(٣) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٥٢٤)، وكذا مسلم (٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>