للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تأملت أحوال حكام هذه الأزمنة وجدتها لا تعدو أحوال أهل الجاهلية في كثير من الأمور؛ ألا تراهم إذا طلبوا غريماً وتغيب عنهم أخذوا أباه، أو ابنه، أو قريبه، أو جاره؟

وربما قتل قتيل، أو سرقت دارٌ أو دكان في محلة، وجاء الوالي وجماعته ومعهم قاض من قبل حاكم الشرع يقال: قاضي الكشف، فيأخذون من صاحب المصيبة أو من أهل المحلة جريمة، وسموها: أجرة القدم، أو حجة الكشف، ولا يمهلونه إلى تحصيل ما يأخذونه، بل يأمرونه بتسلم ذلك ممن استعد للربا في أبوابهم، ولعل ذلك فوق جهل الجاهلية.

وروى الخطيب في "تلخيص المتشابه" عن الهيثم بن عدي قال: دخل أبي بن الإبَّاء - بتشديد الموحدة - على الحجاج بن يوسف، فقال: [إني] موسوم بالحيلة، مشهور بالطاعة، خرج أخي مع [ابن الأشعث] (١) فحلق على اسمي، وحُرِمْتُ عطائي، وهُدِمَت داري.

فقال الحجاج: أو ما سمعت ما قال الشاعر؟

قال. وما قال؟

قال: [من الكامل]

جانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ وَقَدْ ... يَعْدِي الصَّحِيحَ مَبارِكُ الْجُرْبِ

وَلَرُبَّ مَأخوذٍ بِذَنْبِ قَرِيبِه ... وَنَجا الْمُقارِفُ صاحِبُ الذَّنْبِ


(١) بياض في "أ" و"ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>