ومن ثم أيضًا أُمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقول في تعوذه:{وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}[الفلق: ٥].
وروى ابن أبي حاتم عن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما: أن هذه الآية: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ}[الحجر: ٤٧] نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه.
قيل: وأي غل؟
قال: غل الجاهلية؛ إن بني تميم، وبني عدي، وبني هاشم كان بينهم في الجاهلية غل، فلما أسلم هؤلاء تحابوا، فأخذت أبا بكر الخاصرة، فجعل علي يسخِّن يده، فيكمِّد بها خاصرة أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، فنزلت هذه الآية (١).
وروى ابن إسحاق، وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم رحمهما الله تعالى قال: مر شاس بن قيس - وكان يهوديًا - على نفر من الأوس والخزرج يتحدثون، فغاظه ما رأى من تألُّفهم بعد العداوة، فأمر شابًا معه من يهود أن يجلس بينهم، فيذكرهم يوم بعاث، ففعل، فتنازعوا وتفاخروا حتى وثب رجلان؛ أوس بن قيظي من الأوس، وجبار بن صخر من الخزرج، فتقاولا، وغضب الفريقان، وتواثبوا للقتال، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء حتى وعظهم، وأصلح بينهم، فسمعوا وأطاعوا، فأنزل الله تعالى في أوس وجبار: {يَا أَيُّهَا
(١) ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "فضائل الصحابة" (١/ ١٤٥)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٠/ ٣٣٨).