للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو متمثل بمسكين، فقال لهم: ادعوا لي صاحب الدار، فقالوا: يخرج سيدنا إلى مثلك؟ فودعوه، ثم مكث قليلاً، ثم عاد فقرع باب الدار، وصنع مثل ذلك، فقال: أخبروه أني ملك الموت، فلما سمع سيدهم قعد فزعاً، وقال: لينوا له بالكلام.

فقالوا: ما تريد غير سيدنا بارك الله فيك؟

قال: لا.

فدخل عليه فقال له: قم فأوص ما كنت موصياً؛ فإني قابضٌ نفسك قبل أن أخرج.

فصاح أهله وبكوا، ثم قال: افتحوا له الصناديق والتوابيت، وافتحوا أوعية المال، وافتحوا أوعية الذهب والفضة.

ففتحوا جميعًا، فأقبل إلى المال يلعنه ويسبه، ويقول: لعنت من مال، أنت الذي أنسيتني ربي تبارك وتعالى، وأغفلتني عن العمل لآخرتي حتى بلغني أجلي.

فتكلم المال فقال: لا تسبني! ألم تكن وضيعاً في أعين الناس فرفعتك؟ ألم ير عليك من أثري؟ وكنت تحضر سدد الملوك فتدخل، ويحضر عباد الله الصالحون فلا يدخلون؟ ألم تكن تخطب بنات الملوك والسادة فتنكح، ويخطب عباد الله الصالحون فلا ينكحون؟ ألم تكن تنفق في سبيل الخبيث فلا أتعاص ولو أنفقتني في سبيل الله لم أتعاص عليك؟ وأنت اليوم تلومني؟ إنما خلقت أنا وأنتم يا بني آدم من تراب، فمنطلق ببِرِّ ومنطلق بإثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>