وهذه صفة المؤمنين إذا ابتلاهم الله تعالى بالفقر والبلاء صبروا، وإذا أعطاهم العافية والدنيا لم يركنوا إليها, ولم يغتروا بها كما قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: ٢٢، ٢٣].
ومن العجائب أن المنافق في عمره كله بين غرة بمالة، وفرح بإقباله، وحزن لما فاته، واغتمام بإدباره عنه حتى يدركه الموت على ذلك، فإن أدركه على غمه فغم الموت انضم إلى غم الفوت، وإن أدركه على غرته فأَعْظِم بحسرته!
وما أحسن موعظةَ عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إذ كتب إلى يزيد بن عبد الملك: إياك إن تدركك المصرعة عند الغرة، فلا تقال العثرة، ولا تمكن من الرجعة، ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به، والسلام. رواه الإِمام أحمد في "الزهد"(١).
وروى فيه عن يزيد بن ميسرة قال: كان رجل ممن مضى جمع مالاً وولداً فأوعى، ثم أقبل على نفسه وهو في أهله قد جمع، فقال: أنعمي سنين! فأتاه ملك الموت عليه السلام فقرع الباب، فخرجوا إليه