كانوا يستخفون المعصية فيما بينهم وبين الله تعالى، والتعدي على أداني الناس حتى صار ذلك لهم عادة ودَيدناً، فاسترسلوا في العصيان والعدوان حتى هان عليهم الكفر بآيات الله، فكفروا بها، فصغُر عندهم التعدي على الأنبياء حتى تجرؤوا عليهم، فقتلوهم.
والحاصل: أن العبد إذا تعاطى المكروه، وتكرر منه استجره إلى الصغيرة، فإذا فعلها وتكررت منه استجر إلى غيرها من المعاصي، ثم إلى الوقوع في الكبائر، ثم إلى الكفر والنفاق نعوذ بالله منها، وسبب ذلك غفلة العبد عن تفقد أحوال نفسه في كل وقت، وعدم الخوف على نفسه من النفاق، واغتيال القلب والتهاون بما يفعله من الذنوب، وعدم التدارك بالتوبة والاستغفار، وذلك كله خذلان من الله تعالى؛ إذ هو المقلب للقلوب، والمصرف لها، فهو الذي يلقي الغفلة عليها، ويقلبها ويصرفها كيف يشاء.
ومن ثم استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من النفاق وكان يقول:"اللَّهُمَّ إِنَّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقاقِ، وَالنِّفاقِ، وَسُوءِ الأَخْلاقِ". رواه أبو داود، والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (١).
وروى الحكيم الترمذي في "النوادر"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"، والخطيب عن أم معبد الخزاعية رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِيَ مِنَ النِّفاقِ،