للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعبودية والافتقار إلى ما منَّ الله تعالى، لا إلى ما منَّ الناس.

وقد قال ذلك وهو محتاج إلى رغيف أو ما يسد جوعته كما في الأثر: يتضرع المؤمن عند الحاجة افتقاراً إلى الله تعالى، وأما المنافق فتلجئه حاجته إلى التضرع إلى الناس، والافتقار إليهم وإلى ما في أيديهم، ولذلك كان رضاهم بحصول الدنيا، وسخطهم لمنعها.

والمؤمن حاله في الغنى الشكر، وفي الفقر الصبر، يرجع إلى آخِية الإيمان.

روى أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصوفية" عن حاتم الأصم رحمه الله تعالى قال: المنافق ما أخذ من الدنيا يأخذ بحرص، ويمنع بشك، وينفق بالرياء، والمؤمن يأخذ بالخوف، ويمسك بالسنة، وينفق لله تعالى خالصاً (١).

وعن أبي العباس بن مسروق رحمه الله تعالى قال: المؤمن يقوى بذكر الله، والمنافق يقوى بالأكل (٢).

قلت: ويدل لذلك قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: ٤٥].

أمر بذكر الله تعالى لأنه يقوي القلب، وإذا قوي القلب قوي الجسد.


(١) رواه السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: ٨٨).
(٢) رواه السلمي في "طبقات الصوفية" (ص: ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>