للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهداء الله في الأرض.

فإن فرح بالمدح من هذه الحيثية لم يكن فرحه من أدلة النفاق، إلا أنه متى مدح بشيء وهو يعلم من نفسه أنه متصف بضده، وكلامُ وَهْبٍ محمولٌ على غير الفرح بالحيثية المذكورة.

وعلامة زيادة إيمانه بالمدح أنه إذا مدح زادت صفته عند نفسه، وانكساره وافتقاره، فإن عظمت بالمدح نفسه، ونسي به عيبها ونقصها، وتمرد، فقد صار فرحه إلى النفاق.

وروى الإمام أحمد، والترمذي -وأصله في "الصحيحين"- عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ؛ لا تَزالُ الرِّيحُ تفِيئُهُ، وَلا يَزالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ بَلاءٌ، وَمَثَلُ الْمُنافِقِ كَمَثَلَ شَجَرَةِ الأَرُزِّ؛ لا تَهْتَزُّ حَتَّى تُسْتَحْصَدَ" (١).

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن الحسن رحمه الله تعالى قال: يعرف الناس ما كانوا في عافية، فإذا نزل البلاء صاروا إلى حقائق أعمالهم؛ يرجع المؤمن إلى إيمانه، ويرجع المنافق إلى نفاقه (٢).

وروى الإمام ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" عن قيس بن


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢٣٤)، والترمذي (٢٨٦٦) وصححه، وأصله في "الصحيحين" وقد تقدم.
(٢) ورواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٣٢٦)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>