للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل وضع الظّاهر موضع المضمر، ووصفهم بالظلم إشارة إلى تعليل ذمهم بالظلم، وهو موالاة الفاسق مع عداوته، وليس ذلك تركيبًا للعلّة، بل الفاسق لا ينبغي أن يوالى مع فسقه ولو كان صديقًا، فكيف يوالى وهو عدو؟

وروى ابن مردويه عن كثير بن عطية، عن رجل، عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنّه قال: "اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ لِفاجرٍ وَلا فاسِقٍ عِنْدِيَ يَدًا وَلا نِعْمَةً، فَيَوَدَّهُ قَلْبِي" (١).

سأل ربه -عَزَّ وَجَلَّ- أن يجنبه نعمة الفاسق لئلا تؤدي به إلى أن يكون له في قلبه ميل إليه ومودة له؛ إذ القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها كما تقدّم في أول الكتاب، ثمّ الحب والمودة قد تؤدي إلى التشبه بالمودود.

وقال سفيان الثّوريّ رحمه الله تعالى: إنِّي لألقى الرَّجل أبغضه، فيقول لي: كيف أصبحت؟ فيلين له قلبي، فكيف ممّن أكل ثريدهم ووطئ بساطهم؟ رواه أبو نعيم (٢).

فيتعين على العبد تجنب الفاسقين، والتباعد عنهم بقدر الإمكان، وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه: ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره (٣).


(١) تقدّم تخريجه.
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ١٧).
(٣) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (٢/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>