للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الدينوري عن الأصمعي، عن أبيه قال: قال الأحنف بن قيس رحمه الله تعالى: جنِّبوا مجالسنا ذكر النِّساء والطعام؛ فإني أبغض الرَّجل أن يكون وصَّافا لفرجه وبطنه، وإن من المروءة والديانة أن يترك الرَّجل الطّعام وهو يشتهيه (١).

ومن أجمع ما قيل في المروءة ما حكي عن العتَّابي أنّه قيل له: ما المروءة؟

قال: ترك اللَّذَّة.

قيل له: فما اللَّذَّة؟

قال: ترك المروءة (٢).

وبيانه: أن المرء مهما استرسل فيما يستلذه لقضاء شهوته نقص بقدرها من نخوته، لأنّ الاسترسال في الشهوات يرق رداء الحياء، ويربي القِحة، وبذلك تذهب المروءة.

ومن هنا قيل: "إِذا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ ما شِئْتَ"، وهو "مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى" كما في الحديث (٣).

وروى ابن عساكر عن الزّهريُّ رحمه الله تعالى قال: ما طلب النَّاس شيئًا خيرًا من المروءة، ومن المروءة: ترك صحبة من لا خير


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ١١١).
(٢) انظر: "البصائر والذخائر" لأبي حيان التوحيدي (٣/ ٥٨).
(٣) تقدّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>