للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يكون الإعجاب بالرأي مهلكًا إِلَّا إذا كان مخالفًا للحق، وهو الرأي السفيه، وإذا وافق الرأي الحق فلا يضره الإعجاب به من حيث إنّه حق، بل من حيث إنّه منسوب إليه.

والإعجاب بالرأي من هذه الحيثية هو الغالب على النَّاس، ولذلك جاء ذم الإعجاب بالرأي في الحديث مطلقًا، فالعالم العامل والفقيه الخاشع مهما أعجبه ما هو عليه من حيث إنّه حق مأمور به مع التبرؤ من الحول والقوة ليستحث نفسه على طلب الزيادة منه عملًا بقوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤]، وليبعث غيره على الاقتداء به ليفوز بالنجاة والنجاح، فإن ذلك دليل الخير والسعادة.

ومن هذا القبيل: ما رواه ابن جرير عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنّه قال: والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إِلَّا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته (١).

وروي نظير ذلك عن علي، ومعاوية، وسعيد بن المسيَّب، وغيرهم (٢).

وأمّا السفيه فإنّه مهما أعجب بنفسه وسفَهِهِ ودعا النَّاس إلى مثل عمله، وصرف فكره وفطنته في تقبيح حال العلماء الكُمَّل، ومخالفتهم


(١) رواه الطّبري في "التفسير" (١/ ٣٦).
(٢) انظر: "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (٤/ ٤٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>