وكأنه مأخذ من حلة اللجام، وهي بالتحريك: ما أحاط بحنك الدابة، فقال منه: حكمت الدابة حكمًا، وأحكمته (١).
ومنهم من ينشد البيت: حلموا - باللام - أي: احملوهم على الحلم؛ كأنّه فر من إيهام معنى التحكيم الّذي هو جعلهم حكامًا؛ فإنّه لا يليق الأمر به.
ولقد جرت عادة الله تعالى في خلقه منذ خلق آدم -عليه السّلام- إلى عصرنا أنّه لم يكن عليم حكيم دخل في ولاية الله تعالى إِلَّا ابتلي بسفيه يُباريه ويُماريه، ويعاديه ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حَيَّ عن بينة كابتلاء آدم بإبليس، وهابيل بقابيل، ونوح وهود وصالح وشعيب بأقوامهم، وإبراهيم بنمرود وقومه، ولوط بأهل سَدُوم، وموسى بفرعون وقومه، وعيسى باليهود، ومحمد صلّى الله عليه وعلى سائر الأنبياء وسلم بأبي جهل وصناديد قريش، ثمّ بكعب بن الأشرف وأحبار يهود، وبالسيد والعاقب، ومن معهما من نصارى نجران، وبعبد الله بن أُبَي ابن سلول والمنافقين.
وكل هؤلاء السفهاء أُعجبوا برأيهم، وسفَّهوا أحلام خيارهم.
فقال إبليس:{أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}[الإسراء: ٦١].