للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة في كون الدولة آخراً للحمقى لغلبة الحمقى على الناس، فتتوافق عقول الرعاة والرعية.

قال عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد": حدثنا أبو عبد الله السلمي قال: حدثنا بشر بن الحارث بحديث حدثني به أحمد بن حنبل عن وكيع، وغير واحد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس قال: دخل عيينة بن حصن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده عائشة رضي الله تعالى عنها، فقالت عائشة: من هذا؟

قال: "هَذا أَحْمَقٌ مُطاعٌ".

فقال بشر: نعم، هذا من المداراة.

قال لي بشر: أَقِلَّ من مخالطة الناس، واستخفف عنهم حتى تكون عزيزًا (١).

والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يلاطف عيينة ويداريه، وكان يكرمه ويعطيه، وهو من المؤلفة قلوبهم لكونه أحمق مطاعاً.

وهذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - تعليم لمن أدرك دولة الحمقى كيف يداريهم، فأما إخلاصهم المودة لأجل الدنيا والتوصل إلى مستلذاتها فغير مقبول.

والعاقل يتخلَّق بأخلاق أمثاله وأقرانه في زمانه ومكانه، فإن خالف ذلك فإما أن يكون الباعث له على المخالفة الانحطاط عن


(١) ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٥٣٤٧) دون قول بشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>