للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧].

قال: يا أبا حازم! أوصني.

قال: نعم سوف أوصيك وأوجز: نزِّهِ اللهَ تعالى، وعَظِّمه أن يراك حيث نهاك، أو يفقدك حيث أمرك.

ثم قام، فلما ولى قال: يا أبا حازم! هذه مئة دينار أنفقها، ولك عندي أمثالها كثير.

فرمى بها، وقال: والله ما أرضاها لك، فكيف أرضاها لنفسي؛ إني أعيذك بالله أن يكون سؤالك إياي هَزْلاً، وردي عليك بَذْلاً.

إن موسى بن عمران عليه السلام لما ورد ماء مدين قال: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: ٢٤]؛ سأل موسى ربه ولم يسأل الناس، ففطنت الجاريتان ولم يفطن الرعاء لما فطنتا له، فأتيا أباهما وهو شعيب عليه السلام، فأخبرتاه خبره، فقال شعيب: ينبغي أن يكون هذا جائعاً، ثم قال لإحداهما: اذهبي ادعيه لي، فلما أتته أعظمته، وغطَّت وجهها، ثم قالت: إن أبي يدعوك، فلما قالت: ليجزيك أجر ما سقيت لنا كره ذلك موسى عليه السلام، وأراد أن لا يتبعها، ولم يجد بداً من أن يتبعها لأنه كان في أرض مَسْبعة وخوف، فخرج معها وكانت امرأة ذات عَجُز، فكانت الرياح تضرب ثوبها، فتصف لموسى عليه السلام عجيزتها، فيغض بصره ويعرض أخرى، فقال: يا أمة الله! كوني خلفي، فدخل إلى شعيب عليهما السلام والعشاء مهيأ، فقال: كُلْ.

فقال موسى: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>