للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائِدَةُ الرَّابِعَةُ: سبق أن داء الحماقة لا دواء له.

وذكر ابن السبكي في "طبقاته" عن ابن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي - رضي الله عنه - يقول: ثلاثة أشياء ليس لطبيب فيها حيلة: الحماقة، والطاعون، والهرم (١).

وهل يعارض هذا ما سبق عن الشافعي أنه قال: أربعة أشياء تزيد في العقل: ترك الفضول من الكلام، والسواك، ومجالسة الصالحين، والعمل بالعلم؛ فإن زيادة العقل نقصان في ضده من الحماقة، أم لا؟

قلت: لا معارضة؛ فإن العقل إنما يزيد حيث كان، ومن كان فيه قدر من الحمق فلا ينقصه ما زاد من العقل.

أو نقول: إن ما يزيد من العقل ينقص بقدره من الرُّعونة؛ فإنها تحدث من مخالطة ضعفاء العقول على ما تقدم عن بعضهم، فتزول بالأسباب التي تزيد في العقل كالأمور المذكورة في كلام الشافعي، لا من الحماقة التي هي غريزة.

وروى الدينوري في "المجالسة" عن يحيي بن خالد قال: شيئان يُورثان العقل؛ التين اليابس إذا أكل، ودخان اللبان إذا بخر به (٢).

والذي جرى عليه صاحب "الموجز"، وغيره من الأطباء: أن الرعونة والحمق نقصان في الفكر، أو بطلان ناشئ عن برد ساذج


(١) انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي (٢/ ٧١).
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم " (ص: ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>