وقد أخرج ابن أبي الدنيا في "العقوبات" عن حماد بن سلمة رحمه الله تعالى قال: ليست اللعنة بسواد في الوجه يراه الناس، إنما اللعنة الطرد والإبعاد، ولا تخرج من ذنب إلا وقعت في آخر مثله أو شر منه (١).
أي: وأنت - والعياذ بالله - مصر على الذنب، غير مستغفر منه ولا تائب عنه، غافل عن التذكرة والتيقظ.
فمن هذا القبيل ما نزل الآن بأهل الزمان إلا قليلاً منهم في تشبههم بالنساء، وتشبه نسائهم بهم وهم في أنواع العقوبة، ولا يرون آثار العقوبة، وإنما يشاهدها ذوو الأبصار فيهم، فيرون منهم من الغفلة عن الله تعالى، وعن ذكره وعن طاعته، والاستهلاك في معاصيه وهو يرزقهم، ويكثر لهم من الدنيا ما لا يرونه من أنفسهم؛ فافهم!
وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما بالُ هذا؟
"فقالوا: يتشبه بالنساء.
فأمر به، فنفي إلى النقيع، فقيل: يا رسول الله! ألا تقتله؟
(١) ورواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ١٣٢).