فإن عاد إليه مرة أخرى عوقِبَ عليه سراً، وهُوِّلَ عليه فيه، ويقال له: إياك أن يطلع عليك أحد وأنت كذلك فتفتضح!
ولا يكثر عليه الملامة فيهوِّن عليه سماعَها وركوبَ القبائح.
والإفراط في ذلك ربما أوجب في الصبي القحة والجرأة، وربما حملته عرامة نفسه على التجاهر بما كان يستخفي منه، والشيء إذا تجاوز عن حده يعكس إلى ضده.
وليحفظ الأب نفسه الكلام معه، ولا يوبخه إلا أحياناً، وينبغي للأم أن تخوفه من الأب، ولهما أن يخوفاه من المؤدب والمعلم، وينبغي للأم أن تزجره عن القبائح، وتحذره أن يطلع أبوه عليها، ويحذره الأب من اطلاع مؤدبه على قبائحه، ويعظم مقام المؤدب عنده، ويمنع من كثرة الكلام، بل ينبغي لأمه أن تعلمه السكوت والأدب في حضور أبيه ليربو معه هذا الأدب مع أبيه ومع غيره، وتعلمه الأدب في الخطاب والجواب، وحسن المعاشرة، وأن لا يتكلم في أمر مع وجود أكبر منه، ويعلمه والده أن لا يتكلم في مجلس الرجال، بل يسكت ولا يبادرهم بالكلام، بل يكون كلامه جواباً.
روى ابن أبي الدنيا في "الصمت" عن إبراهيم بن أدهم رحمه الله تعالى قال: كان إذا تكلم الحَدَث عندنا في الحلقة آيسنا من خيره (١).
وينبغي أن يمنع من نوم النهار؛ فإنه يُورث الكسل، اللهم إلا أن
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (ص: ٢٦٥).