للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَزْعَجَهُ عِلْمٌ نَفى الْجَهْلَ كُلَّهُ ... وَما عالِمٌ أَمْراً كَمَنْ هُوَ جاهِلُه (١)

وروى الطبراني في "الأوسط" عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قالَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: يا رَبِّ! أَرِني الَّذِي كُنْتَ أَرَيْتَنِي فِي السَّفِينَةِ، فَأَوْحَى اللهُ تَعالَى إِلَيْهِ: يا مُوسَى! إِنَّكَ سَتَراهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى رَأَى الْخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي طَيّبِ رِيحٍ، وَحُسْنِ ثِيابِ البَياضِ فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا مُوسَى بْنَ عِمْرانَ، إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَرَحْمَةَ اللهِ، فَقالَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ: وَهُوَ السَّلامُ، وَمِنْهُ السَّلامُ، وَإِلَيْهِ السَّلامُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العالَمِينَ الَّذِي لا أُحْصِي نِعَمَهُ، وَلا أَقْدِرُ عَلى شُكْرِهِ إِلاَّ بِمَعُونَتِهِ.

ثُمَّ قالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تُوْصِيَنِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِها بَعْدَكَ.

قالَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلامُ: يا طالِبَ العِلْمِ! إِنَّ القائِلَ أقلُّ مَلالةً مِنَ الْمُسْتَمعِ؛ فَلا تُمِلَّ جُلَساءَكَ إِذا حَدَّثْتَهُمْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَكَ وِعاءٌ؛ فَانْظُرْ ماذا تَحْشُو بِهِ وِعاءَكَ، وَاعْزُفْ عَنِ الدُّنْيا، وَانْبِذْها وَراءَكَ؛ فَإِنَّها لَيْسَتْ لَكَ بِدارٍ، وَلا لَكَ فِيها مَحَلُّ قَرارٍ، وَإِنَّها جُعِلَتْ بلِغةً لِلعِبادِ لِيَتَزَوَّدُوا مِنْها لِلْمَعادِ.

وَيا مُوسَى! وطِّنْ نَفْسَكَ عَلى الصَّبْرِ تَلْقَى الْحُكْمَ، وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ بِالتَّقْوى تَنَلِ العِلْمَ، وَرَضِّ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْرِ تَخْلُصْ مِنَ الإِثْمِ.


(١) انظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري (ص: ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>