للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا مُوسَى! تَفَرَّغْ لِلْعِلْمِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهُ؛ فَإنَّ العِلْمَ لِمَنْ تَفَرَّغَ لَهُ، وَلا تَكُونَنَّ مِكْثاراً بِالْمَنْطِقِ مِهْذاراً؛ إِنَّ كَثْرَةَ الْمَنْطِقِ تَشِينُ الْعُلَماءَ، وَتُبْدِي مَساوِئَ السُّخَفاءِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِذي اقْتِصادٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّوفِيقِ وَالسَّدادِ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجِدالِ وَاحْلُمْ عَنِ السُّفَهاءِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الْحُكَماءِ وَزينُ العُلَماءِ.

إِذا شَتَمَكَ الْجاهِلُ فَاسْكُتْ سِلْماً، وَجانِبْهُ حَزْماً؛ فَإِنَّ ما بَقِيَ مِنْ جَهْلِكَ عَلَيْكَ، وَشَتْمَهُ إِيَّاكَ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ.

يا ابْنَ عِمْرانَ! لا تَفْتَحْ باباً لا تَدْرِي ما غَلَقُهُ، وَلا تُغْلِقْ باباً لا تَدْرِي ما فَتْحُهُ.

يا ابْنَ عِمْرانَ! إِنَّ مَنْ لا تَنْتَهِي مِنَ الدُّنْيا نَهْمَتُهُ، وَلا تَنْقَضِ فِيها رَغْبَتُهُ كَيْفَ يَكُونُ عابِداً؟

مَنْ يَحْقِرُ حالَهُ وَيَتِّهِمُ اللهَ فِيما قَضى لَهُ كَيْفَ يَكُونُ زاهِداً؟

هَلْ يَكُفُّ عَنِ الشَّهَواتِ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ هَواهُ؟ وَيَنْفَعُهُ طَلَبُ العِلْمِ وَالْجَهْلُ قَدْ حَوَّلَهُ لأَنَّ سَفَرَهُ إِلَى آخِرَتهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ عَلى دُنْياهُ.

يا مُوسَى! تَعَلَّمْ ما تَعَلَّمُ لِتَعْمَلَ بِهِ، وَلا تَعَلَّمْهُ لِتُحَدِّثَ بِهِ فَيَكُونَ عَلَيْكَ بَورُه، [ويكون لغيركَ نُورُهُ].

يا ابْنَ عِمْرانَ! اجْعَلِ الزُّهْدَ وَالتَّقْوى لِباسَكَ، وَالْعِلْمَ وَالذِّكْرَ كَلامَكَ، وَأَكْثِرْ مِنَ الْحَسَناتِ فَإِنَّكَ مُصِيبٌ السَّيِّئاتِ، وَزَعْزِعْ بِالْخَوْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>