للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى نفسه قال: والله إني لأراني من شرهم بعيراً واحداً (١).

وروى الإمام أحمد، والشيخان، والنسائي، وابن ماجه عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزينَتِهَا، إِنَّهُ لاَ يَأْتي الخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ ممَّا يُنْبِتُ الرَّبِيع يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلاَّ آكِلَةَ الخَضِر؛ فَإِنهَا أَكَلَت حَتَّىْ إِذَا اِمْتَلأَت خَاصِرَتُهَا اِسْتَقْبَلَت الشَّمْسَ فَثلطث وَبَالَتْ ثمَّ رتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنعم صَاحِبُ المالِ لمنْ أَعْطَاهُ المسْكِينَ وَاليَتِيْمَ وَابْنَ السَّبِيْلِ، فَمَنْ أَخذَهُ بحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فيْ حَقِّهِ فَنِعْمَ المعُوْنَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ" (٢).

أشار بذلك إلى آكلة الخضر التي أشار إليها في أول الحديث؛ فإنها تأكل حتى تميل خاصرتها، ثم تثلط وتبول، ولا تعرف للشبع حداً تنتهي إليه وتقف عليه.

ففيه إشارة إلى أن آكل الحرام متشبه بالبهيمة التي تأكل ولا تشبع، وذلك لأن النفس تستحلي الحرام من حيث إنها ممنوعة منه، والنفس مائلة إلى الممنوع، وكلما حصلت منه على شيء تشوَّفت إلى شيء، وهذا حال البهيمة والسبع، وأيضاً من يأكل الحرام وهو خبيث متشبه بالكلاب، والسباع، والرخم، والحداء، ونحوها في كل الميتة وإن أنتنت.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٧)، والبخاري (٢٦٨٧)، ومسلم (١٠٥٢)، والنسائي (٢٥٨١)، وابن ماجه (٣٩٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>